العناية بأسنان الأطفال تبدأ من مرحلة الحمل
(كي آر تي) الرياض: «الشرق الأوسط» لا تزال الدراسات الاحصائية تقول لنا بأن معدل الاصابات بتسوس الأسنان بين الأطفال في ارتفاع مستمر، وآخرها إحدى الاحصاءات الفيدرالية في الولايات المتحدة التي وجدت بأن نسبة اصابات الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 إلى 5 سنوات ارتفعت إلى 28% خلال عام 2004، في حين أنها كانت أقل من ذلك في عام 1988. هذا مع كل الجهود الصحية والتثقيفية المبذولة للتخفيف من هذه المشكلة، التي من المتوقع أن تُخفف من انتشار تسوس الأسنان لدى الأطفال بدلاً عن زيادته.
ومن المعلوم أن مشكلة تسوس الأسنان قد تترك آثاراً صحية مستقبلية على أعضاء جسم الأطفال وليس فقط على صفي اللؤلؤ من الأسنان اللبنية في أفواههم. وهي ما تتراوح بين تلف في الأسنان الدائمة التي ستحل محل اللبنية منها وبين تأثر أعضاء مثل الكلى والقلب وغيرهما جراء الالتهابات الميكروبية في الأنسجة المحيطة بالأسنان في طرقات اللثة لديهم.
وعادة ما ينظر الكثيرون إلى الأسنان اللبنية لدى الطفل بأنها غير مهمة لأنها أسنان مؤقتة، سيتم استعمالها لفترة وجيزة، إلى أن تحل الأسنان الدائمة مكانها. وهذا وإن كان صحيحاً في الظاهر إلا أن عدم الاهتمام بنظافتها وحصول تسوس فيها، قد يُسببان وجود البكتيريا في الفم، وهو ما قد يُؤذي الأسنان الدائمة حال ظهورها. وحتى لو تم إزالة هذه الأسنان اللبنية التالفة نتيجة للتسوس في وقت مبكر، فإن بقاء مكانها فارغاً لفترة قد يتسبب بظهور الأسنان الدائمة بطريقة غير سوية أو معوجة.
وتنظيف فم الطفل يتم عبر عدة وسائل، لذا على الوالدين أن يُعلما أطفالهما ويُتابعا معهم كيفية استخدامهم للفرشاة في تنظيفها، واستخدام الخيط لتخليل ما بين الأسنان بغية تنظيف تلك المناطق مما يعلق فيها، وأيضاً كيفية محافظتهم على إبقاء أفواههم نظيفة بمراقبة نوعية الأطعمة والحلويات والمشروبات التي يتناولونها.
* تنظيف أسنان الطفل
* وكانت جين كونر، المتخصصة في صحة نظافة الأسنان بجامعة كمبريدج في ماساشوتيس ورئيسة الرابطة الأميركية لصحة نظافة الأسنان، قد قالت في تصريح لها أدلت به في الخامس والعشرين من الشهر الحالي إن على الآباء والأمهات تعليم أولادهم أن تنظيف الفم والأسنان شيء مستحب مثل تنظيف الأذن أو اليدين أو القدمين، لأنه لو كان الفم متسخاً، فإنه سيحمل البكتيريا التي ستتسبب بالالتهابات فيما حولها أينما حلت.
وفي هذا الشأن تذكر الرابطة الأميركية لصحة نظافة الأسنان Adha في إرشاداتها أنه يجب تنظيف لثة الطفل الرضيع بشكل واف ومتمكن بعد كل رضاعة. وهو ما يتم باستخدام قطعة من القماش القطني المبللة بالماء أو بقطعة من الشاش. والهدف من المسح الرقيق للثة بهذه الكيفية هو تنشيط نسيج اللثة وإزالة ما يعلق عليها من بقايا الطعام أو الحليب أو العصير أو غيره. وتعلق جين كونر على هذا العنصر بالقول حتى قبل ظهور أسنان للطفل، فبالإمكان تنظيف فمه وتعويده على تقبل فعل ذلك. وحينما تبدأ الأسنان بالبزوغ، فإن على أحد الوالدين تفريشها برفق باستخدام فرشاة صغيرة وناعمة وبوضع كمية قليلة، لا تتجاوز حجم حبة البازيلاء، من معجون الأسنان المُضاف إليه الفلورايد، على حد قولها.
وفي عمر ما بين 2 إلى 3 سنوات، يُمكن البدء بتعليم وتعويد الطفل على الطريقة السليمة في استخدام الفرشاة لتنظيف الأسنان. لكن يجب أن يتم الأمر تحت إشراف ومراقبة أحد الوالدين. والواقع أن الطفل قد يحتاج إلى مساعدة في تنظيف أسنانه وتخليلها بالخيط حتى سن 8 سنوات. وغالباً بعد ذلك يتمكن الطفل من ضبط كيفية اعتنائه بأسنانه وتنظيفها دون مساعدة من الغير.
* حتى قبل الولادة
* وما قد لا يتنبه له الكثيرون هو أن العناية بأسنان الطفل يجب أن تبدأ في المرحلة السابقة لولادة الطفل، أي منذ أن يكون جنيناً. وهو ما أكدت عليه دايانا بومكامب، المرشحة السابقة لرئاسة الرابطة والمتخصصة في صحة نظافة الفم من سانت لويس، وذلك بأن تهتم الأم الحامل بنظافة فمها وأسنانها بشكل خاص في مرحلة الحمل نفسه. والسبب أن وجود ميكروبات تتسبب بتسوس الأسنان أو التهابات اللثة لدى الأم الحامل يرفع من احتمالات انتقالها إلى المولود الجديد. وتُضيف بأنه ما أن يُولد الطفل، فإن على الوالدين أن يبدآ في الحفاظ على نظافة فم الطفل حتى قبل بدء ظهور الأسنان اللبنية لديه.
كما على الآباء والأمهات أخذ الاحتياطات ومحاولة منع انتقال الميكروبات من أفواههم إلى فم الطفل عن غير قصد، لأن مما يجب أن يكون واضحاً هو أن من السهل جداً انتقال تلك البكتيريا المتسببة في تسوس الأسنان من أفواه الأمهات أو الآباء أو بقية أفراد الأسرة إلى الطفل الصغير، وذلك عبر المشاركة في استخدام نفس الأشياء، ككوب الماء أو الملعقة أو المناشف أو فرشاة الأسنان أو غيره. وتقول دايانا بومكامب ان ميكروبات تسوس الأسنان يُمكن أن تنتقل من خلال المشاركة في الطعام أو الشراب، وحتى النفخ على طعام الطفل لتبريد درجة حرارته يُمكن أن يعمل على انتقال البكتيريا تلك إليه من خلال رذاذ اللعاب! ونبهت جين كونر على أن من الواجب أن يهتم الآباء والأمهات بمراجعة الطفل لطبيب الأسنان خلال الستة أشهر الأولى من بدء ظهور الأسنان لديه أو حال بلوغه سن سنة من العمر. وقالت إن الوالدين لا يُفكران في ضرورة أن يُراجع طفلهما طبيب الأسنان إلا حينما يُصبح من المتأخر جداً وقايتهما من أي مشاكل فيها، أي بعد ظهور التسوس عليها.
* نظام الأكل والمياه المعدنية وكيفية الرضاعة ودورها في تسوس الأسنان
* يعتقد البعض أن العامل الوحيد في حصول تسويس الأسنان هو تناول الطفل للحلويات والمشروبات المحلاة بالسكريات، إلا أن الحقيقة ليست هذا فقط، بل ثمة عوامل أخرى في طريقة الأكل ونظام تناوله تعمل هي الأخرى على رفع احتمالات الاصابة بتسوس الأسنان. لذا فإن مراقبة الوالدين لما يأكله الطفل تحميه من نشوء تجويفات في الأسنان أو تجمعات كبيرة في الفم لبكتيريا تسوس الأسنان. وأولى خطوات الاهتمام هنا هي التأكد من تناول الطفل وجبات غذائية كافية وبانتظام طوال اليوم. وعلى وجه الخصوص الحرص على تقديم وجبة الإفطار للطفل في أي عمر كان، لأن ذلك سيُقلل من حاجته أو رغبته في تناول وجبات خفيفة من المقرمشات وشرائح البطاطا والحلويات وغيرها من الأطعمة غير الصحية.
وكانت دراسة حديثة حول تسوس أسنان الأطفال الصغار قد قالت بأن تسوس الأسنان أعلى عند الأطفال الذين يفتقرون إلى نظام وعادات غذائية صحية. وتحديداً قالت إن تسوس الأسنان أعلى لدى الأطفال الذين لا يتناولون بانتظام وجبة الإفطار، أو الذين لا يتناولون كميات كافية من الخضار والفاكهة يومياً.
وقالت دايانا بومكامب ان من المهم عدم ترك الطفل يسترسل في الرضع من قارورة الرضاعة عند ذهابه للنوم. وذلك لأن ترك الطفل يرضع إلى أن ينام، يمنع الأم من تنظيف فمه بعد الفراغ من تناول وجبة الرضاعة، ما يعني بقاء كميات من الحليب في الفم طوال الليل، وبالتالي تجد البكتيريا ما تتغذى عليه كي تقوم بنخر الأسنان وتسوسها. كما نبهت إلى ضرورة عدم ترك الطفل يلهو ويلعب وهو يحمل أكواب العصير البلاستيكية المزودة بأنبوب المص، وذلك لنفس السبب. وحذرت من تنامي عادة الاعتماد على توفير الماء للطفل عبر استخدام المياه المعدنية المُعبأة في القوارير البلاستيكية، وذلك بدلاً من شرب الماء من الحنفية. والمعلوم أن مياه الحنفية مزودة عادة بمادة الفلوريد، التي ثبت علمياً بأنها تعمل على حماية الأسنان من التسوس، خاصة لدى الأطفال. وقالت ان غالبية أنواع المياه المعدنية لا تحتوي على إضافة الفلوريد، في حين أن بعضاً منها يحتوي على كميات غير كافية منه
.