مرض الانطواء النفسي أو التوحد، وهو مرض يصيب الطفل باضطراب عصبي، الأمر الذي يعرقل قدرته على الكلام والتفاهم ويعوق نموه اجتماعيا وعاطفيا، وقد تحسنت مؤخرا أساليب تشخيص المرض.
ويعتقد الخبراء الآن أن من بين160 شخصاً يوجد شخص واحد مصاب بدرجة معينة بالتوحد، فمعدل الإصابة به يعادل ثلاث أو أربع مرات معدل الإصابة به في السبعينيات.
وعلى الرغم من أن الأعراض الظاهرية للمرض معروفة منذ وقت طويل، لم يبدأ العلماء إلا مؤخرا في دراسة كيفية تأثر الجسم به والعوامل البيولوجية المتسببة في حدوثه.
نشرت مجلة الجمعية الطبية الأمريكية، نتائج مثيرة لدراسة حديثة أجرتها جامعة كاليفورنيا، سان دياغو، تؤكد أن هناك صلة وثيقة بين مرض التوحد والنمو السريع وغير العادي للرأس أثناء فترة الطفولة، مما جدد الأمل في إمكانية التشخيص والعلاج المبكر لهذا المرض.
اكتشفت الدراسة أن الأطفال التوحديين عادة ما يكون حجم الرأس لديهم كبيرا بشكل غير طبيعي بالمقارنة بأعمارهم.
ولأن أعراض هذا المرض لا تظهر بوضوح في الأطفال الصغار الذين تتراوح أعمارهم من 2 إلى 3 سنوات، لم تكن هناك وسيلة أكيدة للتعرف على الحالة عند ظهورها.
قياس معدل نمو الرأس يتم باستخدام شريط قياس بسيط، فهو لا يحتاج لأجهزة معقدة، وعادة ما يقاس محيط الرأس في المتابعة الدورية لدي طبيب الأطفال.
ومنذ عامين قام فريق البحث بدراسة في سان دياغو، بقيادة إخصائي علم الأعصاب إيريك كورتشيسن، بتعقب السجلات الطبية القديمة لـ48 حالة طفل توحدي في مرحلة رياض الأطفال، وقارنتها بالمعايير الوطنية.
وقد تبين أن رؤوس الأطفال التوحديين كانت أصغر من المعدل الطبيعي عند الولادة، لكنها نمت بمعدل مطرد أثناء فترة الرضاعة، تراوح ما بين 25% إلى 84% خلال السنة الأولى تقريبا. وكلما زاد معدل نمو الرأس كان حجم التلف الذي يحدث في
المخ أكبر، فإذا كان المعدل 59% فالإصابة تكون معتدلة، أما حالات الإصابة الحادة يصل معدل نمو الرأس فيها إلي 95% وطبقا لهذه النتائج التي لا نستطيع إغفالها، فالتوحد ليس مرضا يصيب الأطفال فجأة في الثانية أو الثالثة من عمرهم، لكنه يحدث بسبب مشكلة ما في النمو العام للطفل بحيث يمكن أن يتم تتبعه إلى فترة الرضاعة. هذه الدراسة خففت من الاعتقاد السائد أن التوحد عند الأطفال سببه اللقاحات والمواد الملوثة التي يتعرضون لها أثناء الطفولة، لكنها ركزت حول ديناميكية المرض وبخاصة أثناء السنة الأولى من عمر الطفل بدلا من العوامل المسببة له. علاقة غير مؤكدة
دراسات أخرى وجدت أن معدلات النمو المرتفعة في السنة الأولى تتبعها معدلات أبطأ في السنوات التالية، بحيث يكون رأس الطفل المتوحد البالغ من العمر 4 أو 5 سنين، بحجم رأس الشخص البالغ.