يقال أن أعرابياً نزل بأرض قومٍ من الحضر، وكان في ديارهم عجوزٌ متصابية، تفتأ تتزيَّن وتتجمَّـل، وتبذل كلَّ غالٍ ومرتخص خفاء آثار الشيخويخة التي بدأت تدب في أوصالها، وطمس ما فعله بجسدها كرُّ ايام وتعاقب الليالي . فلما رآها هذا الإعرابي انخدع بمظهرها، فتقدم لخطبتها، ولم يلبث أن تزوجها، فلما زُفَّت إليه، تكشفت له الحقيقة المرة ، ورأى بين يديه شمطاء في ثياب فتاةٍ شابة؛ فأنشد يقول:
عجــوزٌ تُرجِّـي أن تكـون فتيـَّةً ... وقد نحلَ الجنبانِ واحدودبَ الظهْر
تدسُّ إلى العطَّار سلعـةَ أهلِها ... وهل يصلحُ العطـَّار ما أفسدَ الدَّهْرُ
دخلت بها قبل المحـاقِ بليلةٍ ... فكان محـاقــاً كلُّـه ذلك الشَّهـْـرُ
ومـا غـرَّني إخِـضـابٌ بكفِّهـا .. وكُحـْـلٌ بعينيـْها، وأثـوابُها الصُّفر