يقال : أنه كان هناك ثلاثة ثيران أحمر وأبيض وأسود، وقد جمعتهما علاقة متينة، فأراد أسد جائع الانقضاض عليهم، فصدوه ورجع يجر أذيال الخيبة. فلم يهدأ للأسد بال حتى عاد وقد حَبَكَ خدعة قوية تمكّنه من سد جوعه، فذهب للثورين الأسود والأحمر، وقال لهما:”أنتما أصدقائي، ولا أريدكما، بل أريد فقط الثور الأبيض كي لا أموت جوعًا”. فكّر كل من الثورين فيما قاله الأسد، وعلى ما يبدو أن كلامه كان له صدى في نفسيهما. فقالا:” الأسد على حق، وسنسمح له بأكل الثور الأبيض”. وبالفعل انقض الأسد على الثور الأبيض، وسد جوعه، بل أكل حتى ظل شَبِعًا أيام وليالي، حتى عاوده الجوع مرة أخرى، فحاول الهجوم على الثورين الأسود والأحمر، لكنه لم يستطع النيل منهما، فأخذ يفكر في حيلة أخرى تؤمّن له الطعام المشبع. فذهب للثور الأسود معاتبًا:” لماذا هاجمتني، وأنا لم أقصد سوى الثور الأحمر”. فرد الثور:” أنت قلت ذات الكلام عند أكل الثور الأبيض”. فرد الأسد بنبرة مخادعة قائلًا:” ويحك، أنت تعرف أنني أستطيع هزيمتكما معًا، لكنني لا أريدك أنت”. فكّر الثور ووافق بسبب خوفه وحاجته للأمان . انقض الأسد على الثور الأحمر والتهمه حتى ملأ بطنه وظل شبعان لليالي طويلة، لكن راوده الجوع مرة ثانية، حينها لم يجد أمامه سوى الثور الأسود، والذي صرخ حين هاجمه الأسد “أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض”. أوقفت هذه الكلمات الأسد، وجعلته يتراجع قليلًا، فسأله:” لماذا قلت الثور الأبيض ولم تقل الأحمر، والذي عندما أكلته أصبحت وحيدًا”. فرد الثور الأسود:” لأنني حينها تنازلت عن المبدأ الذي كان يجمعنا ويحمينا، ومن يتنازل مرة يتنازل كل مرة، فعندما أعطيت الموافقة على أكل الثور الأبيض، فقد أعطيتك الموافقة أيضًا على أكلي”. هذه القصة تذكرنا بقول المتنبي “من يهُن يسهل الهوان عليه”.